salam les amis,
Je voulais que vous lisiez cet article, c'est vrai qu'il est un peu long mais il vaut le coup d'être lu, je vous le recommande vivement.
كلنا ذوو خطأ والمعصوم من عصمه الله جل وعلا ، على كل واحد منا أن يذكر
فلا ينسى أنه لم يُخلق ملكا ولم يُخلق بشرا معصوما وإنما هو إنسان تتنازعه قوى
الخير والشر فتارة يغلب خيره شره فهو خير من الملائكة وتارة يغلب
شره خيره فهو شر من البهائم كما قال [ ابن القيم ] عليه رحمة الله ..
وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ..
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله
بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم"
فلابد من الخطأ ولابد من التقصير وكلنا ذوو خطأ .. لكن إياك أن تبقى على الخطأ ..
إياك أن تدوم على المعصية .. فإن المعصية شؤم ، وإن المعصية عذاب
وإن المعصية وحشة ، وإن المعصية غضب من الله الواحد الديان ، وقد يحبس
عن أمة خير بمعصية من فرد واحد لم يأمروه ولم ينهوه نسأل الله ألا يحرمنا
خير ما عنده من شر ما عندنا ..
هاهم بنو إسرائيل – كما في كتاب التوابين [ لابن قدامة ] - يلحق بهم قحط
على عهد موسى – عليه السلام - فاجتمعوا إلى موسى ، وقالوا :
يا نبي الله ادعُ لنا ربك أن يسقينا الغيث ، فقام معهم وخرجوا إلى الصحراء ليستسقوا
وهم سبعون ألفًا أو يزيدون ، فقال موسى : إلهنا اسقنا غيثك ، وانشر علينا رحمتك ،
وارحمنا بالأطفال الرُّضَّع ، والبهائم الرُتَّع ، والشيوخ الرُكَّع ، فما ازدادت السماء
إلا تقشعًا ، ذهب السحاب الذي في السماء ، وما ازدادت الشمس إلا حرارة ، فقال :
يا رب استسقيناك فلم تسقِنا ، فقال : يا موسى إن فيكم عبدًا يبارزني بالمعصية
منذ أربعين عامًا ، فمُرهُ أن يخرج من بين أظهركم ، فبشؤم ذنبه مُنِعْتم القطر من السماء
قال : يا رب عبد ضعيف وصوتي ضعيف ، أين يبلغ وهم سبعون ألفا أو يزيدون ؟
فأوحى الله إليه – سبحانه وبحمده - منك النداء وعلينا البلاغ ، فقام ينادي في
سبعين ألف ، قام ينادي فيهم قائلا : يا أيها العبد العاصي الذي بارز الله بالمعصية
أربعين عامًا ، اخرج من بين أظهرنا ، فبشؤم ذنبك مُنِعْنَا القطر من السماء
فيوحي الله إلي موسى أنه تلفت هذا العبد يمينًا وشمالا لعله يخرج غيره ، فعلم
أنه المقصود بذلك ، فقال في نفسه : إن خرجت افتضحت على رؤوس بني إسرائيل ،
وإن بقيت هلكت وهلكوا جميعًا بالقحط والجدب ! فما كان منه إلا أن ادخل رأسه
في ثيابه ، وقال : يا رب عصيتك أربعين وأمهلتني ، واليوم قد أقبلت إليك طائعًا
تائبًا نادمًا ، فاقبلني واسترني بين الخلق هؤلاء - يا أكرم الأكرمين -
فلم يستتم الكلام حتى علتْ السماء سحابة بيضاء ، فأمطرت كأفواه القِرَب ، فقال
موسى لربه -سبحانه وتعالي- : يا رب سقيتنا ولم يخرج من بين أظهرنا أحد
فقال : يا موسى أسقيتكم بالذي منعتكم به ، قال : يا رب أرني هذا العبد الطائع
التائب النادم ، قال : يا موسى لم أكن لأفضحه وهو يعصيني أفأفضحه وهو يطيعني ؟
لا إله إلا الله ، ما أرحم الله ، ما أحكم الله ، فيا مخطئاً وكلنا ذوو خطأ ، ويا من سقط
في المعصية ويا من زلَّتْ قدمه وكلنا ذاك العاصي .. صحح أخطاءك
وعالج أمراضك ، وغسِّل نفسك مما قد ران عليها ، واستأنف الحياة في ثوب التوبة
النقي النظيف ، واسمع لداعي الله -جل وعلا- وهو يقول :
( ووتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )
كلنا ذوو خطأ ، والله يمهل ولا يهمل ، ويحب التوابين والمتطهرين ، ولذلك
فتح باب التوبة أمام المخطئين ليتوبوا ويؤوبوا ويعودوا إلى رشدهم ، فيغفر لهم
ما اقترفوه من إثم وخطيئة وموبقة وصغيرة وكبيرة ..
وكلنا ذوو خطأ ، لكن الحسنات يذهبن السيئات ، فلا تحقر معروفا ، ولا تستصغر
معصية ، ولا تنظر إلى صغر المعصية ، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت
القائل كما في الأثر "
وعزتي وجلالي لا يكون عبد من عبيدي على ما أحب فينتقل إلى ما أكره إلا انتقلت
له مما يحب إلى ما يكره"
يقول [ أنس ] - رضى الله عنه وأرضاه - : إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم
من الشعر ، إن كنا لنعدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات !!
يقول هذا لمن ؟ لخير جيل عرفته البشرية ، ولخير فرقة عرفتها البشرية ، ولخير
القرون كما أخبر بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك للصحابة والتابعين ...
فيا أيها الحبيب إنما يعظم الذنب في قلب المؤمن لعلمه بجلال الله – سبحانه وبحمده -
إن المؤمن ليرى ذنوبه كأنه قاعد تحت أصل جبل ، يخاف أن يقع هذا الجبل عليه
وإن المنافق ليرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه فأطاره بيده ..
فيا أيها المخطئون إياكم ومحقرات الذنوب ، فإن لها من الله طالبا ، وإياكم ومحقرات
الذنوب فإنها تجتمع على الرجل فتهلكه ..
يا من قسا قلبه ، ويا من صدت نفسه فأمرته بالسوء والفحشاء ، هلا زرت المقابر
هلا ذهبت وأحييت هذه السنة التي كادت تموت بيننا ، هل ذهبت إلى المقابر
فزرتها ودعوت الله - عز وجل - لهم لترى فيها الآباء والأمهات ، لترى فيها
الإخوان والأخوات ، لترى فيها الأحباب والأصحاب والخلان قد توُسَّدُوا التراب ،
وارتُهِنوا بالأعمال ، ما كأنهم فرحوا مع من فرح ، ولا كأنهم ضحكوا مع من ضحك
ولا كأنهم تمتعوا مع من تمتع ، قد حِيل بينهم وبين ما يشتهون ، ثم اعلم أنك قريبًا
ستكون بينهم ، ووالله لن تكون إلا في روضة أو حفرة ، القبر روضة من الجنان
أو حفرة من حفر النيران ، إن يكُ خيرًا فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده
وإن يك شرًا فما بعد أشد ، وويل لعبد عن سبيل الله صد ...
هاهم سلفنا قلوبهم بالخوف وجلة ، وأعينهم باكية ، يقول قائلهم :
كيف نفرح والموت وراءنا ، والقبر أمامنا ، والقيامة موعدنا ، وعلى الصراط مرورنا
والوقوف بين يدي الله مشهدنا ، كيف نفرح ؟!
( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون )
يأتي أحدهم إلى فراشه فيلمسه في الليل ، فإذا هو ناعم لين ، فيقول مخاطبا فراشه :
يا فراشي والله إنك للين ، ولكن فراش الجنة ألين.. ثم يقوم ليله كله حتى يصبح ..
يناجي أحدهم ويقول : يا قوم والله لا أسكن ولا يهدأ روعي حتى أترك
جسر جهنم ورائى ..
كانوا إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، وكادت تنخلع خوفا من الله – جل وعلا - خافوا
الله فأمَّنَهم فهو القائل كما في الحديث القدسي
" وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفيْن ، ولا أجمع له أمنيْن ، إن أمنني
في الدنيا خوَّفته يوم القيامة ، وإن خافني في الدنيا أمَّنته يوم القيامة "
( ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد )
كان لسان حال الواحد من سلفنا وهو يناجي ربه في ثلث الليل الآخر ، ثلث الآيبين
ثلث التوابين ، ثلث المستغفرين ، ثلث المخطئين ، ثلث النادمين الذي ضيعناه ، نعم ..
سهرنا إلى تلك اللحظة ، ثم رمينا أنفسنا كالجِيف ، ونسأل الله أن يعاملنا برحمته ..
كيف كان ليل سلفنا ؟ هاهو أحدهم ، وهو [ رياح بن عمر القيسي ] عليه رحمة الله
أحد التابعين ، تزوج امرأة صالحة ، وأراد أن يختبرها ، هل هي من اللاتي تركن
إلى زخارف الدنيا ؟ هل هي الصائمة القائمة أم هي المشغولة بقيل وقال وبالأزياء
والموديلات وما أشبه ذلك ؟
يوم جاء الصباح ما كان منه إلا أن رآها تعجن عجينها ، وتعمل عمل البيت تقُومُ ببيتها
فقال : يا دؤابة ، أتريدين أن أشترى لك أَمَة لتخدمك ؟
قالت : يا رياح إني تزوجت [ رياحًا ] ، وما تزوجت جبارا عنيدا ..
ثم جاء الليل ، قام يتناوم ، فقامت ربع الليل الأول ، وقالت له :
يا رياح قم ، قال : أقوم ، ثم نام مرة أخرى ، فقامت الربع الثاني ، وقالت :
يا رياح قم ، فتناوم مرة أخرى ، ثم قامت ربع الليل الثالث ، ثم قالت :
يا رياح قم ، فقال : أقوم ولم يقم ، فقالت : يا رياح قد فاز المحسنون
وعسكر المعسكرون ، ليت شعري من غرَّني بك ؟؟
فهل جعلنا لثلث الليل الآخر منا لو ركعتين علّ الله أن يرضى علينا ويرحمنا
نسأله سبحانه وبحمده أن يجعلنا من المرحومين المغفور لهم ..
أما في النهار فما حالنا ؟ منا والله من يخرج الصباح مِن بيته فيجمع الحرام
يبحث عن الحرام أيًا كان ، مطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام
وغُذِّيَ بالحرام ..
فما حال سلفك يا عبد الله ؟
إن امرأة من السلف يوم يخرج زوجها في الصباح تقول له : اتقِ الله ولا تطعمنا
إلا حلالاً ، فإنا نصبر على الجوع ، لكنا لا نصبر على النار !!
فهل قالت نساؤنا كذلك ؟؟ ثم بعد ذلك نرجو النجاح !!!
أحبتي .. إن أسعد ساعة في العمر وأصدق لحظة في الحياة تلك الساعة التي يقف
العبد فيها مع نفسه محاسبًا ، وقفة العتاب ، وقفة الملامة ، يسأل نفسه :
كيف ألقاه وحقوقه ضيعت ؟
كيف ألقاه ومحارمه انتهكت ؟
كيف ألقاه وحدوده تجاوزت ؟
بأيِّ وجه ألقاه ؟ وبأيِّ قدم أقف بين يديْه ؟
عندها ينكسر قلبه ويرقُّ فؤاده ، ولا يجد إلا أن يدمع من خشية الله ، ثم لا يملك إلا
أن يرفع يديْه :
ربَّاه أسأت ، ربَّاه ظلمت ، ربَّاه أسرفت ، ربَّاه ذنوبي ، من أرجو لها سواك ؟
من يفتح الباب إن أغلقتَه ؟ من يعطي العطاء إن منعتَه ؟
فيصلح الحال ، وتُبدَّل السيئات - بإذن الله - إلى حسنات ..
فانتبه عبد الله وتيقظ وادخل باب التوبة المفتوح قبل إغلاقه مبادرًا منكسرًا
( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما )
أحبتي في الله .. العيون تذنب ، والآذان تذنب ، والقلوب تذنب ، والأبصار تذنب
والأرجل تذنب ، وكلنا ذوو خطأ وذنب ..
ووالله لا يغفر تلك الذنوب إلا التوبة النصوحة .. متى ما أقبلتم على الله فاستغلوا
ذلك الإقبال ، فإن النفس كالحديدة لا تلين بيد الحدَّاد إلا إذا كانت ساخنة
فإذا بردت جمدت وصارت أشدَّ من الحجارة ..
ألا واستغلوا اندفاع الأنفس إلى الخيرات ، فإن لكل نفس إقبالاً وإدبارًا
ولكل خافق سكونًا
Je voulais que vous lisiez cet article, c'est vrai qu'il est un peu long mais il vaut le coup d'être lu, je vous le recommande vivement.
كلنا ذوو خطأ والمعصوم من عصمه الله جل وعلا ، على كل واحد منا أن يذكر
فلا ينسى أنه لم يُخلق ملكا ولم يُخلق بشرا معصوما وإنما هو إنسان تتنازعه قوى
الخير والشر فتارة يغلب خيره شره فهو خير من الملائكة وتارة يغلب
شره خيره فهو شر من البهائم كما قال [ ابن القيم ] عليه رحمة الله ..
وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ..
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله
بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم"
فلابد من الخطأ ولابد من التقصير وكلنا ذوو خطأ .. لكن إياك أن تبقى على الخطأ ..
إياك أن تدوم على المعصية .. فإن المعصية شؤم ، وإن المعصية عذاب
وإن المعصية وحشة ، وإن المعصية غضب من الله الواحد الديان ، وقد يحبس
عن أمة خير بمعصية من فرد واحد لم يأمروه ولم ينهوه نسأل الله ألا يحرمنا
خير ما عنده من شر ما عندنا ..
هاهم بنو إسرائيل – كما في كتاب التوابين [ لابن قدامة ] - يلحق بهم قحط
على عهد موسى – عليه السلام - فاجتمعوا إلى موسى ، وقالوا :
يا نبي الله ادعُ لنا ربك أن يسقينا الغيث ، فقام معهم وخرجوا إلى الصحراء ليستسقوا
وهم سبعون ألفًا أو يزيدون ، فقال موسى : إلهنا اسقنا غيثك ، وانشر علينا رحمتك ،
وارحمنا بالأطفال الرُّضَّع ، والبهائم الرُتَّع ، والشيوخ الرُكَّع ، فما ازدادت السماء
إلا تقشعًا ، ذهب السحاب الذي في السماء ، وما ازدادت الشمس إلا حرارة ، فقال :
يا رب استسقيناك فلم تسقِنا ، فقال : يا موسى إن فيكم عبدًا يبارزني بالمعصية
منذ أربعين عامًا ، فمُرهُ أن يخرج من بين أظهركم ، فبشؤم ذنبه مُنِعْتم القطر من السماء
قال : يا رب عبد ضعيف وصوتي ضعيف ، أين يبلغ وهم سبعون ألفا أو يزيدون ؟
فأوحى الله إليه – سبحانه وبحمده - منك النداء وعلينا البلاغ ، فقام ينادي في
سبعين ألف ، قام ينادي فيهم قائلا : يا أيها العبد العاصي الذي بارز الله بالمعصية
أربعين عامًا ، اخرج من بين أظهرنا ، فبشؤم ذنبك مُنِعْنَا القطر من السماء
فيوحي الله إلي موسى أنه تلفت هذا العبد يمينًا وشمالا لعله يخرج غيره ، فعلم
أنه المقصود بذلك ، فقال في نفسه : إن خرجت افتضحت على رؤوس بني إسرائيل ،
وإن بقيت هلكت وهلكوا جميعًا بالقحط والجدب ! فما كان منه إلا أن ادخل رأسه
في ثيابه ، وقال : يا رب عصيتك أربعين وأمهلتني ، واليوم قد أقبلت إليك طائعًا
تائبًا نادمًا ، فاقبلني واسترني بين الخلق هؤلاء - يا أكرم الأكرمين -
فلم يستتم الكلام حتى علتْ السماء سحابة بيضاء ، فأمطرت كأفواه القِرَب ، فقال
موسى لربه -سبحانه وتعالي- : يا رب سقيتنا ولم يخرج من بين أظهرنا أحد
فقال : يا موسى أسقيتكم بالذي منعتكم به ، قال : يا رب أرني هذا العبد الطائع
التائب النادم ، قال : يا موسى لم أكن لأفضحه وهو يعصيني أفأفضحه وهو يطيعني ؟
لا إله إلا الله ، ما أرحم الله ، ما أحكم الله ، فيا مخطئاً وكلنا ذوو خطأ ، ويا من سقط
في المعصية ويا من زلَّتْ قدمه وكلنا ذاك العاصي .. صحح أخطاءك
وعالج أمراضك ، وغسِّل نفسك مما قد ران عليها ، واستأنف الحياة في ثوب التوبة
النقي النظيف ، واسمع لداعي الله -جل وعلا- وهو يقول :
( ووتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )
كلنا ذوو خطأ ، والله يمهل ولا يهمل ، ويحب التوابين والمتطهرين ، ولذلك
فتح باب التوبة أمام المخطئين ليتوبوا ويؤوبوا ويعودوا إلى رشدهم ، فيغفر لهم
ما اقترفوه من إثم وخطيئة وموبقة وصغيرة وكبيرة ..
وكلنا ذوو خطأ ، لكن الحسنات يذهبن السيئات ، فلا تحقر معروفا ، ولا تستصغر
معصية ، ولا تنظر إلى صغر المعصية ، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت
القائل كما في الأثر "
وعزتي وجلالي لا يكون عبد من عبيدي على ما أحب فينتقل إلى ما أكره إلا انتقلت
له مما يحب إلى ما يكره"
يقول [ أنس ] - رضى الله عنه وأرضاه - : إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم
من الشعر ، إن كنا لنعدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات !!
يقول هذا لمن ؟ لخير جيل عرفته البشرية ، ولخير فرقة عرفتها البشرية ، ولخير
القرون كما أخبر بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك للصحابة والتابعين ...
فيا أيها الحبيب إنما يعظم الذنب في قلب المؤمن لعلمه بجلال الله – سبحانه وبحمده -
إن المؤمن ليرى ذنوبه كأنه قاعد تحت أصل جبل ، يخاف أن يقع هذا الجبل عليه
وإن المنافق ليرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه فأطاره بيده ..
فيا أيها المخطئون إياكم ومحقرات الذنوب ، فإن لها من الله طالبا ، وإياكم ومحقرات
الذنوب فإنها تجتمع على الرجل فتهلكه ..
يا من قسا قلبه ، ويا من صدت نفسه فأمرته بالسوء والفحشاء ، هلا زرت المقابر
هلا ذهبت وأحييت هذه السنة التي كادت تموت بيننا ، هل ذهبت إلى المقابر
فزرتها ودعوت الله - عز وجل - لهم لترى فيها الآباء والأمهات ، لترى فيها
الإخوان والأخوات ، لترى فيها الأحباب والأصحاب والخلان قد توُسَّدُوا التراب ،
وارتُهِنوا بالأعمال ، ما كأنهم فرحوا مع من فرح ، ولا كأنهم ضحكوا مع من ضحك
ولا كأنهم تمتعوا مع من تمتع ، قد حِيل بينهم وبين ما يشتهون ، ثم اعلم أنك قريبًا
ستكون بينهم ، ووالله لن تكون إلا في روضة أو حفرة ، القبر روضة من الجنان
أو حفرة من حفر النيران ، إن يكُ خيرًا فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده
وإن يك شرًا فما بعد أشد ، وويل لعبد عن سبيل الله صد ...
هاهم سلفنا قلوبهم بالخوف وجلة ، وأعينهم باكية ، يقول قائلهم :
كيف نفرح والموت وراءنا ، والقبر أمامنا ، والقيامة موعدنا ، وعلى الصراط مرورنا
والوقوف بين يدي الله مشهدنا ، كيف نفرح ؟!
( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون )
يأتي أحدهم إلى فراشه فيلمسه في الليل ، فإذا هو ناعم لين ، فيقول مخاطبا فراشه :
يا فراشي والله إنك للين ، ولكن فراش الجنة ألين.. ثم يقوم ليله كله حتى يصبح ..
يناجي أحدهم ويقول : يا قوم والله لا أسكن ولا يهدأ روعي حتى أترك
جسر جهنم ورائى ..
كانوا إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، وكادت تنخلع خوفا من الله – جل وعلا - خافوا
الله فأمَّنَهم فهو القائل كما في الحديث القدسي
" وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفيْن ، ولا أجمع له أمنيْن ، إن أمنني
في الدنيا خوَّفته يوم القيامة ، وإن خافني في الدنيا أمَّنته يوم القيامة "
( ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد )
كان لسان حال الواحد من سلفنا وهو يناجي ربه في ثلث الليل الآخر ، ثلث الآيبين
ثلث التوابين ، ثلث المستغفرين ، ثلث المخطئين ، ثلث النادمين الذي ضيعناه ، نعم ..
سهرنا إلى تلك اللحظة ، ثم رمينا أنفسنا كالجِيف ، ونسأل الله أن يعاملنا برحمته ..
كيف كان ليل سلفنا ؟ هاهو أحدهم ، وهو [ رياح بن عمر القيسي ] عليه رحمة الله
أحد التابعين ، تزوج امرأة صالحة ، وأراد أن يختبرها ، هل هي من اللاتي تركن
إلى زخارف الدنيا ؟ هل هي الصائمة القائمة أم هي المشغولة بقيل وقال وبالأزياء
والموديلات وما أشبه ذلك ؟
يوم جاء الصباح ما كان منه إلا أن رآها تعجن عجينها ، وتعمل عمل البيت تقُومُ ببيتها
فقال : يا دؤابة ، أتريدين أن أشترى لك أَمَة لتخدمك ؟
قالت : يا رياح إني تزوجت [ رياحًا ] ، وما تزوجت جبارا عنيدا ..
ثم جاء الليل ، قام يتناوم ، فقامت ربع الليل الأول ، وقالت له :
يا رياح قم ، قال : أقوم ، ثم نام مرة أخرى ، فقامت الربع الثاني ، وقالت :
يا رياح قم ، فتناوم مرة أخرى ، ثم قامت ربع الليل الثالث ، ثم قالت :
يا رياح قم ، فقال : أقوم ولم يقم ، فقالت : يا رياح قد فاز المحسنون
وعسكر المعسكرون ، ليت شعري من غرَّني بك ؟؟
فهل جعلنا لثلث الليل الآخر منا لو ركعتين علّ الله أن يرضى علينا ويرحمنا
نسأله سبحانه وبحمده أن يجعلنا من المرحومين المغفور لهم ..
أما في النهار فما حالنا ؟ منا والله من يخرج الصباح مِن بيته فيجمع الحرام
يبحث عن الحرام أيًا كان ، مطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام
وغُذِّيَ بالحرام ..
فما حال سلفك يا عبد الله ؟
إن امرأة من السلف يوم يخرج زوجها في الصباح تقول له : اتقِ الله ولا تطعمنا
إلا حلالاً ، فإنا نصبر على الجوع ، لكنا لا نصبر على النار !!
فهل قالت نساؤنا كذلك ؟؟ ثم بعد ذلك نرجو النجاح !!!
أحبتي .. إن أسعد ساعة في العمر وأصدق لحظة في الحياة تلك الساعة التي يقف
العبد فيها مع نفسه محاسبًا ، وقفة العتاب ، وقفة الملامة ، يسأل نفسه :
كيف ألقاه وحقوقه ضيعت ؟
كيف ألقاه ومحارمه انتهكت ؟
كيف ألقاه وحدوده تجاوزت ؟
بأيِّ وجه ألقاه ؟ وبأيِّ قدم أقف بين يديْه ؟
عندها ينكسر قلبه ويرقُّ فؤاده ، ولا يجد إلا أن يدمع من خشية الله ، ثم لا يملك إلا
أن يرفع يديْه :
ربَّاه أسأت ، ربَّاه ظلمت ، ربَّاه أسرفت ، ربَّاه ذنوبي ، من أرجو لها سواك ؟
من يفتح الباب إن أغلقتَه ؟ من يعطي العطاء إن منعتَه ؟
فيصلح الحال ، وتُبدَّل السيئات - بإذن الله - إلى حسنات ..
فانتبه عبد الله وتيقظ وادخل باب التوبة المفتوح قبل إغلاقه مبادرًا منكسرًا
( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما )
أحبتي في الله .. العيون تذنب ، والآذان تذنب ، والقلوب تذنب ، والأبصار تذنب
والأرجل تذنب ، وكلنا ذوو خطأ وذنب ..
ووالله لا يغفر تلك الذنوب إلا التوبة النصوحة .. متى ما أقبلتم على الله فاستغلوا
ذلك الإقبال ، فإن النفس كالحديدة لا تلين بيد الحدَّاد إلا إذا كانت ساخنة
فإذا بردت جمدت وصارت أشدَّ من الحجارة ..
ألا واستغلوا اندفاع الأنفس إلى الخيرات ، فإن لكل نفس إقبالاً وإدبارًا
ولكل خافق سكونًا
Commentaire